"الراب" وسيلة شباب المغرب للتعبير عن النفس

الرأي – شامة درشول: أشكاين، فناير، الخاسر، دركة....، وغيرهم، شباب اجتمعوا كفرقة موسيقية أو فضلوا التغريد منفردين، يتشاركون هم المجتمع وحب الوطن والرغبة في التعبير عن الذات، والحفاظ على الهوية المغربية من الانغماس في متاهات العولمة الثقافية. سنة 2007 تعتبر سنة الهيب هوب والراب والفيزيون بامتياز، سطع فيها نجم فرق شبابية اختارت نوعا موسيقيا اعتبره البعض صاخبا ووجده البعض الآخر جديدا، خاصة وأن الكلمات المرفقة بهذه الألحان تعتمد الدارجة المغربية وهي مزيج مخلوط من العربية والفرنسية. برزت هذه الفرق الموسيقية وأصبحت لها جماهير عريضة من الفئات الشابة، كما وجدت منتجين وممولين استغلوا هذا الإقبال وعرضوا عليهم رعايتهم تجاريا، وتنظيم حفلات لهم في داخل المغرب وخارجه، ومن أجل هذه الفرق أنشئت إذاعة مغربية خاصة لا تعمل إلا على إذاعة هذه الأغاني بشكل خاص، بل تجاوزت البث إلى مستوى الإنتاج والرعاية الفنية. وكانت شهرة هذه الفرق والإقبال عليها وانقسام الشارع المغربي بين معارض لها ومؤيد سببا في تنشيط برامج حول هذه الظاهرة سواء على مستوى الإعلام المحلي أو العربي، والذي أظهر فيها المتخلون أن هذه الموسيقى ليست ذات جذور غربية ودخيلة على المجتمع المغربي بقدر ما تتقاسم جذورها مع التراث الإفريقي للمملكة بحكم موقعها الجغرافي في القارة الإفريقية، وتواجد أعراق سكانية إفريقية.
لكن هذه الظاهرة الموسيقية لم تبق حبيسة الإنتاج والدعاية بل وصلت إلى حد الجدال السياسي،حيث كان لاستضافة حزب الاتحاد الاشتراكي لواحد من مغني الراب في المغرب رد فعل قوي من المعارضين والمنافسين اتهم فيها الحزب باستخدام مغني الراب " توفيق حازب " المعروف بلقب" الخاسر" لاستقطاب الشباب المغربي إبان التحضير للانتخابات التشريعية، خاصة وأن "الخاسر" يلقب نفسه بهذا الاسم بسبب اعتماده الكلام البذيء في أغانيه وهو أمر يدافع عنه بقوله إنه ينقل أحوال المجتمع كما هي دون تزيين أو تجميل، ولا يسلم من لسان الخاسر السليط لا الحكومة ولا البرلمان، ولا حتى الإسلاميين، ويدافع عن موقفه بقوله إنه لا يخاف أحدا ولا يجامل أحدا، ورغم التأفف من الكلمات الساقطة التي تعيق سماع أغانيه في هدوء، فإن بعضا منها ترك بصماته في الذاكرة الموسيقية للمغاربة، وهي أغنية "مغاربة حتى الموت"، التي يعبر فيها عن حبه لوطنه وتمسكه به رغم كل الظروف والمعيقات. وإذا كان الخاسر اختار نقل المجتمع بسيئاته ومحاسنه وحتى بكلامه البذيء، فإن فرقا مثل الفناير وأشكاين وغيها من الفرق الموسيقية الشابة تبدو أكثر التزاما بأخلاق الغناء، وأكثر احتراما للمستمع، حيث ترفض توظيف الكلام البذيء للتعبير عما يضايق الشباب في المجتمع المغربي، وفضلوا مناقشة قضايا الشباب موسيقيا دون المساس بالحياء العام. وهكذا خرجت أغاني تنصح الفتيات بالحفاظ على أنفسهن، وأخرى تعبر عن القهر الذي يعيشه العاطلون عن العمل، وثانية تخاطب التواقين للهجرة، وأخرى وجدت ضالتها في أغان مغربية قديمة أعادت توزيعها موسيقيا فباتت تنافس جديد الأغاني. بين الخاسر والفناير وغيرهم، يؤكد علماء اجتماع أن الهيب هوب والراب والفيزيون وغيرها من الموسيقى التي اجتاحت مغرب الألفية الثالثة، هي مؤشر على التحولات الثقافية التي يعرفها المغرب، وربما تكون هذه الظاهرة الموسيقية مستقبل الأغنية المغربية التي عادت للاندحار بعد رحيل الرواد.